الاثنين، 27 ديسمبر 2010

فيلم 678 .. الكلام عن قلة الأدب بمنتهى الأدب !

منذ أيام شاهدت فيلم 678 ..

عبقرية .. هي أقل كلمة يمكن أن يوصف بها هذا الفيلم.. وبالطبع العبقري هنا هو الورق.. (القصة والسيناريو) ثم الاخراج .. وهما في الأخير وجهان لعملة واحدة اسمها "محمد دياب" .. الله عليك يا محمد !

محمد دياب السيناريست الشاب الموهوب المبدع الذي عرف طريق النجاح عن طريق احترام عقل وذوق المشاهد العربي الشرقي..
إن 678 بالنسبة لي يفضح كل من يقدم الاسفاف والعري تحت حجة "أنا أقدم للناس الواقع الذي يعيشونه كما هو" !

محمد دياب قدم لنا الواقع الذي نعيشه بمنتهى الوضوح والشفافية دون أن يتجاوز أي خط أحمر.. موضوع في منتى الحساسية قدم بشكل في منتهى الأدب .. قدم لنا بحق عملا فنيا يتكلم عن قلة الأدب بمنتهى الأدب !

في اليوم الذي شاهدت فيه الفيلم لم أكن مخططا لذلك .. كنت في الخارج مع عائلتي وابني البالغ من العمر 7 سنوات.. ونام ابني في السيارة .. وهنا قررت أن أدخل الفيلم .. وقفت حائراً ماذا لو استيقظ حسن في منتصف الفيلم .. لم أفكر طويلاً لأن ثقتي في محمد دياب جعلتني أدخل الفيلم وولدي معي .. لأني أعرف أن هذا الرجل يخاف على ابني مثلما أخاف عليه .. وقد كان بالفعل..

الفيلم كان شاملاً عارضاً لكل وجهات النظر من قبل الضحايا والمذنبين وحتى من يسوقه القدر ليكون طرفاً في الحادثة أو شاهداً عليها ..استعرض الفيلم .. كل الانفعالات سلبية ...إيجابية .. إنيهار... وضعف ...وخجل .. قسوة .. ندم .. خنوع .. إلخ ..

فتح الفيلم ملفاً شائكا وضغط على الجرح الذي ينذف يومياً.. وكم من بيوت يتبدل حالها وتخرب .. وكم من بنات تعيش في ألم لا ينتهي بسبب هذه الحوادث.. !

أخاطب الأهالي بالله عليكم يسيروا على الشباب الزواج ...
أخاطب الحكومة.. وفري للشباب عملاً بدلاً من الفراغ القاتل...
أخاطب الشباب.. عليكم بدينكم ... وبما أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم
أخاطب الفتيات.. أنت غالية ... ثمينة ...ماسة على الرأس.. حافظي على نفسك ولا تكوني مطمعاً ..
أخاطب من يعملون بالفن.. بالله عليكم لا تشاركوا في الجريمة .. مش عاوزين نقول على الدنيا "هي فوضى" ..ولا نريد أن نقول أعطونا حلاً فتجيبونا "حين ميسرة" .. !
فيلم 678 أقام الحجة على الكل سواء على المستوى الفني أو على مستوى المشكلة في ذاتها..

رغم أنني لست متخصصاً في الفن .. لكن الفيلم قد يبدو يميل أن يكون فيلماً تسجيلياً إلى حد ما.. لم تكن الحبكة فيه عالية.. وأظن أن المؤلف قد قصد هذا الأمر لأن يعالج مشكلة عامة وليس حادثة بعينها..

اجتمع للفيلم عناصر نجاح أخرى وهي أداء الممثلين الغير مفتعل والذي كان له نصيب كبير في توصيل المعاني والمشكلة للمشاهد...

تحية لكل من يريد أن يرتفع بالذوق العام..
تحية لكل من يريد الحفاظ على أولادنا وأخلاقهم..
تحية لكل من يعرض للمشاهد الجرح دون أن يكشفه ويعرضنا للعدوى..

الفيلم كان يمكن أن يكون مادة سخية لفيلم إباحي من الدرجة الأولى.. لو وقع في يد مخرج آخر..
لكن محمد دياب الذي أصر على إخراج الفيلم بنفسه حتى لا يقع كما نقول تحت ضرس أي مخرج.. أبدعت وأرفع لك القبعة يا محمد تحية وتقديراً..

بارك الله فيك ومن نجاح إلى نجاح...

إمضاء
مشاهد يقدر كل فنان محترم بس !

الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010

ولم يبق إلا الدعاء إلى الكريم ..

عجباً لأمر هذه الدنيا ..

لم أكن أتخيل أنني سأحضر زفافك مرتين .. وفي المرتين كنت تلبسين ثوباً أبيضاً.. ثمان سنوات مرت منذ أن حضرت الزفة الأولى وأنت تتأبطين ذارع أخي وحبيبي كريم في ليلة عرسكم.. لن أنس السعادة التي كانت تحوم في المكان والفرحة الطفولية التي كان على وجهيكما.. وكيف كان كريم يحملك فرحاً وأنتم تلتقطون الصور.. طلبتم مني في هذه الليلة أن أغني لكما.. وأذكر أنني غنيت أمام الجميع كما لم أغنِ من قبل ..

وأمس.. كانت الزفة الثانية.. أو الأخيرة.. ويالها من زفة.. والغريب أن كريم كان يحملك أيضاً .. وكنت تلبسين الأبيض مرة أخرى.. لكنه كان فرحاً من نوع خاص .. وإن بدا عليه الحزن وكانت فيه الدموع هي الصاحب على وجه كل الحضور.. إلا أنها كانت زفة إلى دار غير الدار .. وأهل خير من الأهل.. وصحبة غير الدنيا.. زفة إلى الرفيق الأعلى.. إلى الله .. سبحانه وتعالى..

كتب الله لي أن أكون في استقبالك وأحمل نعشك منذ لحظة الهبوط للمطار .. البركة كانت تحف المكان من لحظة وصولك وحتى أن واريناكِ التراب.. الاجراءات انتهت في وقت قياسي.. والغريب أننا لم نفعل شيئاً.. لقد سخر الله لنا أناساً ليقوموا بكل شيء.. وصلنا المسجد قبل الجميع.. ساعات مرت قبل أن يبدأ المصلون التهافت على المسجد لصلاة الجمعة.. العشرات ثم المئات.. ثم الآلاف..
عندما خرجت من المسجد بعد الصلاة.. وجدت الجميع.. الكل جاء ليصل عليك.. كانت الدموع في عيون الكل.. البعض لا يصدق.. البعض حزينٌ وينتحب.. البعض هادئُ ومبتسمُ وراض.. لكن الشاهد أن الجميع جاءوا للصلاة عليك..

كنت تحبين الخير يا دعاء.. فأرسل الله إليك آلافاً يصلون عليك.. ويبكونك ويدعون لك بالخير.. ومنهم من أتى فقط على سيرتك ولما يقوله الناس عنك.. طوبى لك.. ونحتسبك عند الله من الفائزين..

شاء المولى أن أصحبك حتى مقامك الأخير بناء على طلب زوجك ..أخي كريم.. ومرة أخرى يُكتب لي أن أنزل القبر حياً.. ربما هذه هي المرة السادسة أو السابعة في حياتي.. لست أدري لماذا دائماً يكتب لي أن أدفن الناس .. ربما يريد الله لي التذكرة.. الثواب .. التجربة .. لا أدري.. لكن الشعور أنك ستنزل يوماً في هذا المكان يجعلك ترى الدنيا بحجمها الحقيقي.. دنيا .. شيء دني.. ويجعلك تفكر في كل من تحب في لحظة واحدة.. كيف ستتركهم.. ويجعلك تدعو الله بالجنة والرحمة والمغفرة.. وأن يتول سبحانه من تحب من بعدك..

لقد كان المكان على رغم وحشته.. هادئاً.. وكان الأمر على الرغم من جلله فيه سكينة.. وضعك كريم في هدوء بجانب جدته وعمته.. ودعونا لك .. ارقدي في سلام يا أختاه ..

القبر.. بيتك المتوسط بين الدنيا والآخرة.. ظلام.. وحشة.. بضعة أمتار في أمتار .. لايرقد جنبك إلا من سبقك من الأموات..نعم الناس تقف على قبرك.. تبكي.. تدعو .. ترجو الله لك بالعفو والمغفرة.. لكنها في الأخير تمضي لحالها.. ربما يحزنون بعض الوقت.. لكنهم يعودون إلى دنياهم .. وتبق أنت في القبر.. وحيداً.. في حياتك البرزخية.. تتمنى ولو ساعة من نهار في الدنيا لتعود لتذكر الله للحظة ..أو أن تسجد له سجدة واحدة..

لن أكون كئيباً فعندنا رب اسمه الكريم .. ويقول ابن عطاء الله السكندري .. " لا يَعْظُمِ الذَنْبُ عِنْدَكَ عَظَمَةً تَصُدُّكَ عَنْ حُسْنِ الظَّنِّ باللهِ تَعالى، فإنَّ مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ اسْتَصْغَرَ في جَنْبِ كَرَمِهِ ذَنْبَهُ."  فبفضل الله وحده.. سيكون القبر نوراً.. أنساً.. متسعاً.. سيكون روضة من رياض الجنة.. سنكون فيه بإذن الله قائلين كما قال مؤمن آل فرعون "يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ" ..ونزيد  " هاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ* إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ* فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ* فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ*  قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ* " وسينادى علينا بإذن الله.."كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ" وأيضاً "سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين".. ونقول "الحمدلله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوء من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين" ..

دعاء.. يا أختاه.. لقد سبقتينا إليه سبحانه.. ونحن لاحقون بك خلال أيام .. نعم فهي في الأخير أياماً وإن صارت سنيناً.. ندعو الله أن يلحقنا بك على خير.. وأن يرزقنا وإياك الفردوس الأعلى كما كنت تطلبين منه وتدعينه دوماً..

على لقاء قريب يازوجة أخي .. يا أم بلال..

الاثنين، 10 مايو 2010

إعلان مبوب



أقرأ كثيراً في الجرائد تحت عنوان "إعلانات مبوبة" ، لدواعي السفر، للبدل، لدوعي التصفية .. ألخ.. ووجدت الناس يكتبون في الإعلان ما يريدونه بحثاً عن الأفضل لهم، فقررت أن أضع إعلاني أنا أيضاً..

لدواعي الراحة: مطلوب قصر على أن يكون في المنطقة التالية:
شارع الشهداء - حي الصالحين
بجوار منزل عمر بن الخطاب
مدينة الصديقين - الفردوس الأعلى – جنة الرحمن

سأظل أبحث ويبحث الكثيرين غيري عن السعادة والراحة في الدنيا.. لكن الإجابة ستبقى نفس الإجابة رغم معرفة الكثيرين بها .. إنها ليست هنا... كل شيء في هذه الدنيا نسبي.. والراحة فقط في العنوان بأعلى (جنة الرحمن) وليست في مكان غيره..

يظل الإنسان في الدنيا يتخبط بين النقائض ..

أمل ويأس.. رغبة في الحياة وتمني للموت..

قبول على الطاعة وإدبار عنها.. ركض في طريق الله وسقوط فيه..

يسمع كلام نفسه الأمارة بالسوء تارة .. ثم يعلو درجة فتكون لوامة .. ثم يعلو درجة فتتطمئن.. ثم يعود .. وهكذا..

حال النفس.. حال القلب.. إنما سمي قلباً من تقلبه..

كلما أبحرت وتأملت في النفس وجدت أن تكوينها مناسب لطبيعة ما خلق الإنسان له في الدنيا..
للاختبار..
للاختيار..
للعمل..
للمحاولة...
للنجاح والفشل..
وكيف لا يكون تكوينها مناسباً وقد سواها ربها وخالقها رب العالمين.. وقد قال" ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها "..

نحزن كثيراً على ما يفوتنا.. نرغب في شراء أشياء ولا نستطيع .. 
نحب أشخاصاً ولا نحيا معه.. يعتصرنا الألم لفراقهم وتبكي قلوبنا من لوعة الشوق .. 
نرنو لوظيفة أومال.. لكن الوظيفة تذهب لغيرك .. والمال لا يأتيك .. فتحزن بل وتغضب أحياناً .. 
وتتسائل لماذااااااااا ؟؟!! يحدث لي هذا ؟!!! 
وننسى "لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم" .. 
وننسى "لا يسأل عن شيء وهم يسألون" ... 
ألا تستطيع أن تنظر لما وراء ما تريد.. ألا تدرك أن الأشياء التي أردتها لم يكن لك مقدراً امتلاكها .. 
والحبيب الذي تتمنى الحياة معه لم يكن خيراً لك وإن كان ملاكاً يمشى على الأرض.. 
والوظيفة لم تكن لك من الأصل...إنما كانت من نصيب من ذهبت إليه.. 
والمال لم يكن رزقك المكتوب في السماء..

يقول ابن عطاء الله السكندري..
يتبع ..

الثلاثاء، 6 أبريل 2010

رأيت بيروت ...

ما أحلاك يا بيروت.. 

عروس تتلألأ على شاطئ المتوسط..

الغريب أن زرت لبنان أحد عشر مرة حتى الآن.. والله لا أمل هذه البلد وعلى الأخص.. بيروت.. 
صحيح.. يا ست الدنيا يا بيروت...

ربما ما يعتريني عندما أزورها هو أني لا أشعر بأي غربة.. فرائحة الإسكندرية تفوح .. وأناسها يحبون الكل.. وأظن أن للمصريين عشق خاص هناك ..

ولأكون صادقاً مع نفسي أكثر.. أظن أنه البحر هو ما يجعلني هكذا .. إنه صديقي البحر .. وسأظل هكذا أدعوه.. صديقي البحر.. هذا المخلوق العجيب الشكل.. العلماء يقولون إن الحوت الأزرق هو أكبر مخلوقات الله على الأرض .. ولكن البحر يحتوي على الآلاف من الحوت الأزرق..إذن فنظريتي تقول.. "إن البحر هو أكبر مخلوقات الله على الأرض".. وما أجمل أن تصادق أكبر المخلوقات.. بل ويمكن أن ترتمي في أحضانه ليحتضنك كما لا يحتضنك أي مخلوق..

كلما نظرت إلى البحر تذكرت وصف عمرو بن العاص البحر إلى الفاروق عمربن الخطاب رضي الله عنهما حيث قال: "إني رأيت خلقاً كبيراً يركبه خلق صغير، ليس فيه إلا السماء والماء، إن ركد فرّق القلوب، وإن تحرك أراع العقول، يزيد فيه اليقين قلة، والشك كثرة، هم فيه دود على عود، إن مال غرق، وإن نجا فرق"
وأنا أزيد على وصف سيدي عمرو بن العاص وأقول.. "إذا استكان رحل بك إلى عالم الأحلام .. وإذا سمعت صوت الموج يتسابق أنساك الهم والألام.."
ياااااه لكم أحبك يا بحر..

مهلاً.. ماهذا.. أظنني سأفرد خاطرتي عن البحر وأنس بيروت :)
بيروت.. هي الطبيعة وهي الناس.. الناس في بيروت يعشون الحياة.... في "الويك إند".. الناس في الشوارع تمرح، تأكل، تركب الدراجات.. تصطاد الأسماك.. الناس في بيروت يعرفون كيف يتمتعون..

لاحظت أن السيارات في بيروت معظمها نظيفة إن لم تكن كلها بالفعل.. الناس يحبون الجمال ويتفننون في أن يظهروا في أبهي صورة.. سواء في السيارة، في الملبس، وفي الطعام.. وما أدراك ما الطعام :) .. المقبلات تتحدث عن نفسها في بيروت الجميلة..
سودة دجاج بدبس الرمان
هبرة
كبة نية
مقانق برب الرمان
حمص
تبولة
فتوش
عصافير
بيض الغنم
وكثيرررررررررررررررر... أساتذة بجد

أشعر بالطفاسة الآن والجوع معاً بعد سرد كل هذه الأصناف ! :)

على شاطيء بيروت الجميل.. هناك مطعم يسمى "الروضة".. ويبدو أنه أول مطعم أنشئ على شاطيء بيروت .. حيث أن مبانيه تتسم بالطابع القديم .. شعرت عند دخولي أنني رجعت لخمسينات القرن الماضي.. وربما سأقابل فريد الأطرش أو الضاحك البدين إلياس مؤدب :) وهناك تناولت "الترويقة".. أعني فطوري :) مناقيش.. لبنه.. وأهم من كل هذا .. الصحبة.. فعندما تكون مع من هو قريب لقلبك.. تشعر حينها بأن الدنيا بين يديك.. 
بعد الإفطار إذا ذهبت على الكورنيش لمسافة ليست ببعيدة تجد حلواني "الحلاب".. وهناك تستطيع أن تأكل كنافة الجبنة وما أجملها، جزاك الله خيراًً يا خير صحبة يا شيخ محمد أن عرفتي على الحلاب :) .. 

الشيخ محمد.. من هو الشيخ محمد؟ .. 

سأقفك هنا قليلاً لأتكلم عن خير صحبة وعن من هو قريب لقلبك وروحك وعقلك .. كل ذلك معاً.. إنه القاضي الشيخ محمد هاني الجوزو.. أخي وصديقي الحبيب .. الذي تعرفت عليه في عام 2003 .. ربما ليس وقتاً طويلاً لكنه بالنسبة لي عمر.. ويكفي أنه يحتل في قلبي مكانة له وحده دون غيره من الأصدقاء والأخلاء.. قليل هم يتبدل حالك عند رؤياهم.. والشيخ محمد من هؤلاء .. تنطبق عليه حكمة ابن عطاء الله السكندري.."صاحب من ينهضك حاله ويدلك على الله مقاله" ..هو نعمة من الله أن يكون لك مثل هذا الرجل في حياتك.. درس العلوم الشرعية في لبنان والشام وتدرج في المناصب حتى أصبح الآن قاضي صيدا.. بارك الله فيك يا صديقي ولا حرمني الله من صحبتك حتى الفردوس الأعلى يارب..



كذلك أصدقاء لي هم رجال بمعنى الكلمة.. عبدالعزيز جمعة.. المحامي الطموح.. رجل يعتمد عليه وتشعر أن لك ظهراً تستند عليه عند الحاجة.. أراك يا عبد.. نائباً في البرلمان أو محامياً دولياً .. بارك الله فيك يا أبا علي.. فقد رزق عبدالعزيز بطفله الأول 21 أبريل 2010..


محمد كرزي.. ربما لم أتعرف عليه منذ وقت كبير لكنه دخل القلب سريعاً.. يملك بين ضلوعه قلباً أبيضاً صافياً.. ونفس بسيطة ومريحة.. بوركت يا محمد :)

هؤلاء .. أهم من كل ما ذكرت من المعالم .. هم أخوة أحبهم في الله وأسعد معهم وأرتاح لصحبتهم.. 



من الطريف أيضاً أن بيروت باتت معقلاً لعمليات التجميل الجراحية، ولا تدخل شارع أو مقهي أو محل إلا ورأيت سيدة تضع على أنفها ضمادة "بلاستر" للجراحة.. وبالطبع هذا لتغيير شكل الأنف بعد أن ملت منه قرابة الخمس وثلاثين سنة أو أربعين أو خمسين أو حتى ستين :)

التعايش.. رغم كل شيء .. رغم الحرب الأهلية والخلافات .. ستبقى لبنان مثالاً للتعايش ..18 طائفة يعيشون سوياً .. 13 محسوبون على المسيحيين 5 على المسلمين، والملفت هناك هو التبجيل الواضح لرجال الدين هناك بكل الطوائف .. شيء لا نراه كثيراً في بلادنا..

مسجد محمد الأمين .. لن أستطيع ألا أذكره.. فهو تحفة معمارية بكل المقايس في وسط بيروت.. قلب العاصمة .. بناه الرئيس الراحل رفيق الحريري.. حيث دفن رحمه الله في ساحة كبيرة بجانب المسجد.. 





تحياتي لك يا بيروت وبأهلك ومن فيك..

السبت، 27 مارس 2010

هل تستطيع أن تضع نفسك في حذاء الآخرين؟؟

عنوان الخاطرة لن يفهمه إلا من استمع لهذه التعبير بالإنجليزية –
The ability to put oneself into the mental shoes of another person to understand his/her emotions and feelings
والتعريف السابق هو ما قاله Alvin Goldman العالم الأمريكي تعريفاً لكلمة "empathy" ..


هي نعمة كبيرة مما لا شك فيه .. أن تستطيع أن تشعر بما يشعره الآخرون، والأمر يتعدى مجرد التعاطف مع الآخرين بمعنى أن تصل لمستوى تستطيع فيه أن تضع نفسك مكان الشخص الآخر وتشعر بما يشعر به وعليه تبدأ بتصور كيف سيتصرف أو يتحرك..


ولكن ماذا دعاني لأن أتكلم في هذا الموضوع .. ليس الشق العاطفي أو الرومانسي من الأمر فهذا أمر آخر وحديث يطول مع المحبين والعشاق :)
ولكن السبب هو: إن استطعت أن تضع نفسك في حذاء الآخرين فستلتمس لهم العذر .. عندما ترى أحداً يذنب ذنباً فستشعر بالشفقة والرحمة تجاهه، وتدعوا له بالغفران..ولن تقول:
يستاهل..
إللي يشيل قربة مخرومة تخر عليه..
هو إللي جابه لنفسه..
أنا لا يمكن أعمل كده وأحط نفسي في الموقف دا..
أصله جاهل..
أصله مبيعرفش ربنا..
أصله لو كان عمل وعمل لم يكن ليذنب..
أصل شكله كده عامل عمله..
أصلي صراحة حاسس إن كده مش كويس من جوه.. جوايا حاجة كده منه..
كن رحيماً مشفقاً على الناس.. وعلى المذنبين.. لا تنصب نفسك جلاداً .. فربما تكون جلاداً اليوم وغداً تصبح أنت المبتلى وتكون حديث الناس !!


كن كما كان صلوات الله وسلامه عليه رحيماً عندما شاهد جنازة اليهودي.. فبكى وقال: "نفس تفلتت مني إلى النار" لم يقل "جهنم وبئس المصير" !! صدق من سماه "بالمؤمنين رؤوف رحيم" ... "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" ..


هل تستطيع أن تضع نفسك في حذاء الآخرين؟


فرق ما بين المجاهر بالمعصية وبين الضعيف أمام شهواته.. وحتى المجاهر.. ادع له بالتوبة.. فلن يفيدك دخوله النار ولن يرفع قدرك أنه مات على ضلال..
سأسرد عليكم الآن بعض الحالات والرد المباشر المتجرد من الشعور بالآخرين.. ثم تساؤل تسأله لنفسك ..
لماذا شرب أحدهم الخمر في السر.. "هذا الفاسق شارب الخمر.." هل تعلم كيف تربى وكيف ابتلي وكيف كانت حياته..
لماذا شرب المخدرات وسرق المال من والده.. "هذا السارق المارق.. اقطعوا يده" .. هل تعرف كيف كانت حياته ..
لماذا خاصم الرجل ابنته.. "ذلك الرجل القاسي".. هل تعرف كيف كانت تعامله..
لماذا البنت غاضبة من أبيها .. "يالا تلك الفتاة العاقة"... هل تعرف كيف كان يعاملها وهل استحق أن يكون أباً..
لماذا تكره الفتاة كل الرجال.. تلك الفتاة التي تمثل وتتصنع حتى يلتف لها الرجال.. هل تعرف ماذا رأيت أو عايشت تلك الفتاة في حياتها..
لماذا طلق الرجل الفتاة بعد شهرين من الزواج... "لابد أنه اكتشف شيئا.." هل دخلت معهم غرفة النوم ورأيت بنفسها لتنطق بلا يجب..
لماذا بكت الزوجة وطلبت الطلاق عندما فكر زوجها في الزواج عليها.. "بالطبع هي قليلة الإيمان" .. هل تعرف كم تحبه وكيف أن الأمر صعب حتى وإن كان مباحاً.. لقد شعرت أم المؤمنين عاشئة بالغيرة من السيدة خديجة من فرط محبتها للرسول..
لماذا فكر الزوج في الزواج مرة أخرى من فتاة تصغره.. رغم أن زوجته يحسدها عليه الكثير.. "هذا الطماع الشهواني" .. هل تعرف ماذا يخفي وكيف يحتاج رغم كونه متزوجاً.. وكيف يشعر..
لماذا انتحر الرجل .. "هذا الكافر الذي اختار الكفر" ... بالله عليك هل تدري إن كان من إنتحر مريضاً أم صحيحاً ..


هل تستطيع أن تضع نفسك في حذاء الآخرين؟


الشيء المضحك أن معظم الناس ينتقدون ويتكلمون في أشياء لا تخصهم.. أعني أنهم ليسوا أطرافاً في الحدث.. ولم يقع عليهم أي ضرر.. لكن شهوة الكلام والحكم على الناس ووظيفة المفتي والقاضي والجلاد تستهوي الكثير.. وكأن الناس قد خلوا من العيوب والذنوب..

وعينــك إن أبـدت إليــك معـايبــا فصنها وقل ياعين للناس أعين..

لا تعتبروا كلامي هذا أبداً أعذاراً لحرام يرتكب أو حجة لخطيئة تعمل.. الحلال بين والحرام بين.. ولا أحل حراماً ولا أحرم حلالاً أبداً.. وليطبق الحد وما أنزله الله على كل من أخطأ أو قصر في حق المولى..
لكن كيف تنظر إليه.. نحن البشر .. كيف نتعامل مع ذلك المقصر.. ديننا دين يحتوي الكل.. العاصي والمذنب والغافل والضعيف.. وربنا غفار.. شرع الحدود ليأتيه الناس يوم القيامة وليس عليهم شيء.. وليعتبر الناس من ذلك الأمر ويتجنبوا الوقوع فيه..


سيدنا عمر بن الخطاب عطل حد السرقة في عام المجاعة.. لقد وضع نفسه في حذاء الآخرين رضي الله عنه..


قد يتفق مع البعض ويختلف البعض الآخر.. لكن منهج الرسول في دعوته كان اللين في أغلب المواقف .. إلا ما استلزم القوة والحزم.. واجه الرسول الكل بالحب.. في بيته وبين أصحابه وأعدائه والدنيا كلها.. "ما كان اللين في شيء إلا زانه وما نزع اللين من شيء إلا شانه".. صدقت يا خير الأنام ..
تعالوا نشاهد سوياً المشهد التالي لتعرفوا معي كيف كان الرسول يشعر بما يشعر به الآخرون ودون التفريط في حق الله ..


يتبع ...

الأربعاء، 20 يناير 2010

الكنز الحقيقي

مجددون.. تجربة فريدة من نوعها..
أهم ما فيها وأكبر ما بها هو الناس.. والقرب منهم.. والتعرف عليهم..


بداية من المتسابقين بناتاً وبنين ... ومرورا بفريق التصوير المجتهد .. والمخرج المتميز محمد بايزيد الذي يحمل في داخله قلباً صافياً قبل عقل الفنان المبدع ...


إلى عمر حمدي الحالم في سماء الكتابة ...


إلي الفريق المعاون لي فرداً فرداً وعلى رأسهم محمد كرزي ورامي أبو السمن ...


إلى أ/ رولا التي قلما يقابل الانسان شخصاً مثلها في الحياة ..


إلى حبيبي يحيى شامي، فهو رجل معطاء متواضع إلى أبعد حد.. يبذل ما يبذل حسبة لله تعالى مضحياً بوقته وماله وصحته.. أحسبه كذلك ولا أزكى على الله أحداً ممن ذكرت...


إلى كثريين... لن أستطيع أن أحصي الكل ... وحتى الناس في الشوارع في بلادنا العربية الذين كانوا رغما عنهم أبطالا في قصص مهام هذه الحلقات..


معرفة الناس هي الكنز الحقيقي وراء هذه التجربة التي من الله علي بالمشاركة في إدارتها..
أخذت مع نفسي بعض الدقائق لأصف كل واحد من مجددون في كلمة.. :


فريق الشباب (كرة الثلج)
أحمد سامي (المعلم) بفتح الميم
رمزي العمري (المجد)
خالد النهدي (المتحرك)
خالد دياب (الواثق)
خالد موسى (المثابر)
سامي كيدار (الفنان)
عبدالعزيز النعمان (المشير)
فارس النور (المفكر)


فريق البنات (رحيق)
إيثار الكتاتني (المنجزة)
زينة عويدات (الموهوبة)
سماح صافي (الطموحة)
سوسن شبايكي (الملهمة)
معالي فقيه (الواثقة)
نادين بركات (الهادئة) تنجز في هدوء
هند جلال (المحللة)
هبة الرواشدة (النشيطة)


بالرغم من أن معظم ما ذكرت من صفات هي صفات مشتركة موجودة في كل "مجددون" وكل منهم ما شاء الله يحمل جزء من هذه الصفات إلا أنه ما رأته عيني هو فقط وضوح الصفة عن غيرها فيه أو فيها..


سأبقى متذكراً التجربة الأولى لمجددون مهما تتالت التجارب لاحقاً.. فدائماً أبداً أول مرة تشعر في بشيء جديد..أو تشاهد شيئا جديداً.. يصبح هذا الشيء مميزاً ساكناً في وجدانك مهما تعاقبت عليه السنون..


يعلم الله مكانتكم في قلبي.. وأدعو الله أن نكون صحبة في الجنة كما كنا صحبة في الدنيا.. وليغفر لنا الله أي تقصير .. ويتقبل منا صالح الأعمال ... وإن كنا أخطأت في شيء فعذري أني إنسان.. وإن أصبت فهو من الله الموفق الرحمن..


لكم من يا مجددون كل الود والخير .. وستبقون على الدوام.. الكنز الحقيقي..



الثلاثاء، 19 يناير 2010

وددت لو ألقاك وأقبل يديك.. ..

لطالما قرأت عن مقام الأنس بالله .. وكيف يمكن أن يصل العبد لتلك المرتبة العالية .. أن يأنس برب العالمين فيستغي به سبحانه عن كل الدنيا .. ما شاهدته من هذه العجوز -والتي حتماً لا تقرأ ولا تكتب- لكنها عرفت ربها حق المعرفة .. وقرأت بقلبها كل الكتب وعرفت بنفسها المطمئنة كل معاني الحق .. ذكرتي بالأعرابي في البادية الذي عرف الطريق لربه دون معلم .. لطالما وددت أن أقابلك يا أمي العجوز وأقبل يديك وأسألك الدعاء لي، فأنا على يقين أنك ممن تقبل دعوتهم في السماء.. لكن الحق اختارك قبل الوصول إليك..
إنك لم تسألي أحداً أي شيء .. لم تسألي إلا الله سبحانه .. وكان الحمد والدعاء هو حديثك.. ورغم جهلك .. تحملين هم أمة محمد ومافيها ..
إن كل كلمة في هذه الدقائق القليلة من هذا اللقاء يمكن أن تدرس في أعظم كتب التزكية والسلوك إلى الله .. بساطة ما أعمقها.. وقلب عامر الإيمان .. ونفس راضية عن كل شيء يأتيها..





لي خاطرة قصيرة بعد ما شاهدت ونهاية لهذه القصة .. إن هذه المرأة لم تسأل طوال حياتها إلا الله .. وقد استغنت به عزوجل عمن سواه .. وبالرغم من أن أهل الخير سارعوا أن يعطوها بعد هذا اللقاء شقة ومالاً وعمرة لبيت الله .. إلا أن ربها جل في علاه آبى أن تحتاج لغيره.. فأراد أن يكرمها واختارها وهي تصلي العصر بين يديه .. فلم تبرح مكانها التي رضيت به .. ولم تنتقل لشقة أوسع ومكان أنظف  إنما انتقلت لجنة عرضها السماوات والأرض بإذن الله تعالى .. هذا هو معنى "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية .. فادخلي في عبادي وادخلي جنتي"..
اللهم ألحقنا بها على خير وتقبلها في الصالحين .. آمين