منذ أيام شاهدت فيلم 678 ..
عبقرية .. هي أقل كلمة يمكن أن يوصف بها هذا الفيلم.. وبالطبع العبقري هنا هو الورق.. (القصة والسيناريو) ثم الاخراج .. وهما في الأخير وجهان لعملة واحدة اسمها "محمد دياب" .. الله عليك يا محمد !
محمد دياب السيناريست الشاب الموهوب المبدع الذي عرف طريق النجاح عن طريق احترام عقل وذوق المشاهد العربي الشرقي..
إن 678 بالنسبة لي يفضح كل من يقدم الاسفاف والعري تحت حجة "أنا أقدم للناس الواقع الذي يعيشونه كما هو" !
محمد دياب قدم لنا الواقع الذي نعيشه بمنتهى الوضوح والشفافية دون أن يتجاوز أي خط أحمر.. موضوع في منتى الحساسية قدم بشكل في منتهى الأدب .. قدم لنا بحق عملا فنيا يتكلم عن قلة الأدب بمنتهى الأدب !
في اليوم الذي شاهدت فيه الفيلم لم أكن مخططا لذلك .. كنت في الخارج مع عائلتي وابني البالغ من العمر 7 سنوات.. ونام ابني في السيارة .. وهنا قررت أن أدخل الفيلم .. وقفت حائراً ماذا لو استيقظ حسن في منتصف الفيلم .. لم أفكر طويلاً لأن ثقتي في محمد دياب جعلتني أدخل الفيلم وولدي معي .. لأني أعرف أن هذا الرجل يخاف على ابني مثلما أخاف عليه .. وقد كان بالفعل..
الفيلم كان شاملاً عارضاً لكل وجهات النظر من قبل الضحايا والمذنبين وحتى من يسوقه القدر ليكون طرفاً في الحادثة أو شاهداً عليها ..استعرض الفيلم .. كل الانفعالات سلبية ...إيجابية .. إنيهار... وضعف ...وخجل .. قسوة .. ندم .. خنوع .. إلخ ..
فتح الفيلم ملفاً شائكا وضغط على الجرح الذي ينذف يومياً.. وكم من بيوت يتبدل حالها وتخرب .. وكم من بنات تعيش في ألم لا ينتهي بسبب هذه الحوادث.. !
أخاطب الأهالي بالله عليكم يسيروا على الشباب الزواج ...
أخاطب الحكومة.. وفري للشباب عملاً بدلاً من الفراغ القاتل...
أخاطب الشباب.. عليكم بدينكم ... وبما أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم
أخاطب الفتيات.. أنت غالية ... ثمينة ...ماسة على الرأس.. حافظي على نفسك ولا تكوني مطمعاً ..
أخاطب من يعملون بالفن.. بالله عليكم لا تشاركوا في الجريمة .. مش عاوزين نقول على الدنيا "هي فوضى" ..ولا نريد أن نقول أعطونا حلاً فتجيبونا "حين ميسرة" .. !
فيلم 678 أقام الحجة على الكل سواء على المستوى الفني أو على مستوى المشكلة في ذاتها..
رغم أنني لست متخصصاً في الفن .. لكن الفيلم قد يبدو يميل أن يكون فيلماً تسجيلياً إلى حد ما.. لم تكن الحبكة فيه عالية.. وأظن أن المؤلف قد قصد هذا الأمر لأن يعالج مشكلة عامة وليس حادثة بعينها..
اجتمع للفيلم عناصر نجاح أخرى وهي أداء الممثلين الغير مفتعل والذي كان له نصيب كبير في توصيل المعاني والمشكلة للمشاهد...
تحية لكل من يريد أن يرتفع بالذوق العام..
تحية لكل من يريد الحفاظ على أولادنا وأخلاقهم..
تحية لكل من يعرض للمشاهد الجرح دون أن يكشفه ويعرضنا للعدوى..
الفيلم كان يمكن أن يكون مادة سخية لفيلم إباحي من الدرجة الأولى.. لو وقع في يد مخرج آخر..
لكن محمد دياب الذي أصر على إخراج الفيلم بنفسه حتى لا يقع كما نقول تحت ضرس أي مخرج.. أبدعت وأرفع لك القبعة يا محمد تحية وتقديراً..
بارك الله فيك ومن نجاح إلى نجاح...
إمضاء
مشاهد يقدر كل فنان محترم بس !