الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010

ولم يبق إلا الدعاء إلى الكريم ..

عجباً لأمر هذه الدنيا ..

لم أكن أتخيل أنني سأحضر زفافك مرتين .. وفي المرتين كنت تلبسين ثوباً أبيضاً.. ثمان سنوات مرت منذ أن حضرت الزفة الأولى وأنت تتأبطين ذارع أخي وحبيبي كريم في ليلة عرسكم.. لن أنس السعادة التي كانت تحوم في المكان والفرحة الطفولية التي كان على وجهيكما.. وكيف كان كريم يحملك فرحاً وأنتم تلتقطون الصور.. طلبتم مني في هذه الليلة أن أغني لكما.. وأذكر أنني غنيت أمام الجميع كما لم أغنِ من قبل ..

وأمس.. كانت الزفة الثانية.. أو الأخيرة.. ويالها من زفة.. والغريب أن كريم كان يحملك أيضاً .. وكنت تلبسين الأبيض مرة أخرى.. لكنه كان فرحاً من نوع خاص .. وإن بدا عليه الحزن وكانت فيه الدموع هي الصاحب على وجه كل الحضور.. إلا أنها كانت زفة إلى دار غير الدار .. وأهل خير من الأهل.. وصحبة غير الدنيا.. زفة إلى الرفيق الأعلى.. إلى الله .. سبحانه وتعالى..

كتب الله لي أن أكون في استقبالك وأحمل نعشك منذ لحظة الهبوط للمطار .. البركة كانت تحف المكان من لحظة وصولك وحتى أن واريناكِ التراب.. الاجراءات انتهت في وقت قياسي.. والغريب أننا لم نفعل شيئاً.. لقد سخر الله لنا أناساً ليقوموا بكل شيء.. وصلنا المسجد قبل الجميع.. ساعات مرت قبل أن يبدأ المصلون التهافت على المسجد لصلاة الجمعة.. العشرات ثم المئات.. ثم الآلاف..
عندما خرجت من المسجد بعد الصلاة.. وجدت الجميع.. الكل جاء ليصل عليك.. كانت الدموع في عيون الكل.. البعض لا يصدق.. البعض حزينٌ وينتحب.. البعض هادئُ ومبتسمُ وراض.. لكن الشاهد أن الجميع جاءوا للصلاة عليك..

كنت تحبين الخير يا دعاء.. فأرسل الله إليك آلافاً يصلون عليك.. ويبكونك ويدعون لك بالخير.. ومنهم من أتى فقط على سيرتك ولما يقوله الناس عنك.. طوبى لك.. ونحتسبك عند الله من الفائزين..

شاء المولى أن أصحبك حتى مقامك الأخير بناء على طلب زوجك ..أخي كريم.. ومرة أخرى يُكتب لي أن أنزل القبر حياً.. ربما هذه هي المرة السادسة أو السابعة في حياتي.. لست أدري لماذا دائماً يكتب لي أن أدفن الناس .. ربما يريد الله لي التذكرة.. الثواب .. التجربة .. لا أدري.. لكن الشعور أنك ستنزل يوماً في هذا المكان يجعلك ترى الدنيا بحجمها الحقيقي.. دنيا .. شيء دني.. ويجعلك تفكر في كل من تحب في لحظة واحدة.. كيف ستتركهم.. ويجعلك تدعو الله بالجنة والرحمة والمغفرة.. وأن يتول سبحانه من تحب من بعدك..

لقد كان المكان على رغم وحشته.. هادئاً.. وكان الأمر على الرغم من جلله فيه سكينة.. وضعك كريم في هدوء بجانب جدته وعمته.. ودعونا لك .. ارقدي في سلام يا أختاه ..

القبر.. بيتك المتوسط بين الدنيا والآخرة.. ظلام.. وحشة.. بضعة أمتار في أمتار .. لايرقد جنبك إلا من سبقك من الأموات..نعم الناس تقف على قبرك.. تبكي.. تدعو .. ترجو الله لك بالعفو والمغفرة.. لكنها في الأخير تمضي لحالها.. ربما يحزنون بعض الوقت.. لكنهم يعودون إلى دنياهم .. وتبق أنت في القبر.. وحيداً.. في حياتك البرزخية.. تتمنى ولو ساعة من نهار في الدنيا لتعود لتذكر الله للحظة ..أو أن تسجد له سجدة واحدة..

لن أكون كئيباً فعندنا رب اسمه الكريم .. ويقول ابن عطاء الله السكندري .. " لا يَعْظُمِ الذَنْبُ عِنْدَكَ عَظَمَةً تَصُدُّكَ عَنْ حُسْنِ الظَّنِّ باللهِ تَعالى، فإنَّ مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ اسْتَصْغَرَ في جَنْبِ كَرَمِهِ ذَنْبَهُ."  فبفضل الله وحده.. سيكون القبر نوراً.. أنساً.. متسعاً.. سيكون روضة من رياض الجنة.. سنكون فيه بإذن الله قائلين كما قال مؤمن آل فرعون "يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ" ..ونزيد  " هاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ* إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ* فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ* فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ*  قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ* " وسينادى علينا بإذن الله.."كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ" وأيضاً "سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين".. ونقول "الحمدلله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوء من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين" ..

دعاء.. يا أختاه.. لقد سبقتينا إليه سبحانه.. ونحن لاحقون بك خلال أيام .. نعم فهي في الأخير أياماً وإن صارت سنيناً.. ندعو الله أن يلحقنا بك على خير.. وأن يرزقنا وإياك الفردوس الأعلى كما كنت تطلبين منه وتدعينه دوماً..

على لقاء قريب يازوجة أخي .. يا أم بلال..

هناك 3 تعليقات:

  1. و فى الساعة التى دخلت فيها دارك الجديدة يا اختى الحبيبة جعلنى الله أعتمر عنك و كانت عمرة ميسرة و قربت من الحجر الاسود قرب لم اقتربه من قبل و دعوت لك فى حجر اسماعيل كنت اشعر بك تسيرى جانبى نذكر بعض بخير ايام قضيناه فى خير ارض

    رحملك الله يا غالية و جعل قبرك روضة من رياض الجنة

    ردحذف
  2. ما كان لك أخي أن تنزل إلى القبر...حيث أنك لست من محارمها...والله أعلم

    ردحذف
  3. دخلت القبر بعد فتوى يا أخي ودون ملامسة الجسد .. فلا بأس بالأمر .. اطمئن

    ردحذف