الثلاثاء، 6 أبريل 2010

رأيت بيروت ...

ما أحلاك يا بيروت.. 

عروس تتلألأ على شاطئ المتوسط..

الغريب أن زرت لبنان أحد عشر مرة حتى الآن.. والله لا أمل هذه البلد وعلى الأخص.. بيروت.. 
صحيح.. يا ست الدنيا يا بيروت...

ربما ما يعتريني عندما أزورها هو أني لا أشعر بأي غربة.. فرائحة الإسكندرية تفوح .. وأناسها يحبون الكل.. وأظن أن للمصريين عشق خاص هناك ..

ولأكون صادقاً مع نفسي أكثر.. أظن أنه البحر هو ما يجعلني هكذا .. إنه صديقي البحر .. وسأظل هكذا أدعوه.. صديقي البحر.. هذا المخلوق العجيب الشكل.. العلماء يقولون إن الحوت الأزرق هو أكبر مخلوقات الله على الأرض .. ولكن البحر يحتوي على الآلاف من الحوت الأزرق..إذن فنظريتي تقول.. "إن البحر هو أكبر مخلوقات الله على الأرض".. وما أجمل أن تصادق أكبر المخلوقات.. بل ويمكن أن ترتمي في أحضانه ليحتضنك كما لا يحتضنك أي مخلوق..

كلما نظرت إلى البحر تذكرت وصف عمرو بن العاص البحر إلى الفاروق عمربن الخطاب رضي الله عنهما حيث قال: "إني رأيت خلقاً كبيراً يركبه خلق صغير، ليس فيه إلا السماء والماء، إن ركد فرّق القلوب، وإن تحرك أراع العقول، يزيد فيه اليقين قلة، والشك كثرة، هم فيه دود على عود، إن مال غرق، وإن نجا فرق"
وأنا أزيد على وصف سيدي عمرو بن العاص وأقول.. "إذا استكان رحل بك إلى عالم الأحلام .. وإذا سمعت صوت الموج يتسابق أنساك الهم والألام.."
ياااااه لكم أحبك يا بحر..

مهلاً.. ماهذا.. أظنني سأفرد خاطرتي عن البحر وأنس بيروت :)
بيروت.. هي الطبيعة وهي الناس.. الناس في بيروت يعشون الحياة.... في "الويك إند".. الناس في الشوارع تمرح، تأكل، تركب الدراجات.. تصطاد الأسماك.. الناس في بيروت يعرفون كيف يتمتعون..

لاحظت أن السيارات في بيروت معظمها نظيفة إن لم تكن كلها بالفعل.. الناس يحبون الجمال ويتفننون في أن يظهروا في أبهي صورة.. سواء في السيارة، في الملبس، وفي الطعام.. وما أدراك ما الطعام :) .. المقبلات تتحدث عن نفسها في بيروت الجميلة..
سودة دجاج بدبس الرمان
هبرة
كبة نية
مقانق برب الرمان
حمص
تبولة
فتوش
عصافير
بيض الغنم
وكثيرررررررررررررررر... أساتذة بجد

أشعر بالطفاسة الآن والجوع معاً بعد سرد كل هذه الأصناف ! :)

على شاطيء بيروت الجميل.. هناك مطعم يسمى "الروضة".. ويبدو أنه أول مطعم أنشئ على شاطيء بيروت .. حيث أن مبانيه تتسم بالطابع القديم .. شعرت عند دخولي أنني رجعت لخمسينات القرن الماضي.. وربما سأقابل فريد الأطرش أو الضاحك البدين إلياس مؤدب :) وهناك تناولت "الترويقة".. أعني فطوري :) مناقيش.. لبنه.. وأهم من كل هذا .. الصحبة.. فعندما تكون مع من هو قريب لقلبك.. تشعر حينها بأن الدنيا بين يديك.. 
بعد الإفطار إذا ذهبت على الكورنيش لمسافة ليست ببعيدة تجد حلواني "الحلاب".. وهناك تستطيع أن تأكل كنافة الجبنة وما أجملها، جزاك الله خيراًً يا خير صحبة يا شيخ محمد أن عرفتي على الحلاب :) .. 

الشيخ محمد.. من هو الشيخ محمد؟ .. 

سأقفك هنا قليلاً لأتكلم عن خير صحبة وعن من هو قريب لقلبك وروحك وعقلك .. كل ذلك معاً.. إنه القاضي الشيخ محمد هاني الجوزو.. أخي وصديقي الحبيب .. الذي تعرفت عليه في عام 2003 .. ربما ليس وقتاً طويلاً لكنه بالنسبة لي عمر.. ويكفي أنه يحتل في قلبي مكانة له وحده دون غيره من الأصدقاء والأخلاء.. قليل هم يتبدل حالك عند رؤياهم.. والشيخ محمد من هؤلاء .. تنطبق عليه حكمة ابن عطاء الله السكندري.."صاحب من ينهضك حاله ويدلك على الله مقاله" ..هو نعمة من الله أن يكون لك مثل هذا الرجل في حياتك.. درس العلوم الشرعية في لبنان والشام وتدرج في المناصب حتى أصبح الآن قاضي صيدا.. بارك الله فيك يا صديقي ولا حرمني الله من صحبتك حتى الفردوس الأعلى يارب..



كذلك أصدقاء لي هم رجال بمعنى الكلمة.. عبدالعزيز جمعة.. المحامي الطموح.. رجل يعتمد عليه وتشعر أن لك ظهراً تستند عليه عند الحاجة.. أراك يا عبد.. نائباً في البرلمان أو محامياً دولياً .. بارك الله فيك يا أبا علي.. فقد رزق عبدالعزيز بطفله الأول 21 أبريل 2010..


محمد كرزي.. ربما لم أتعرف عليه منذ وقت كبير لكنه دخل القلب سريعاً.. يملك بين ضلوعه قلباً أبيضاً صافياً.. ونفس بسيطة ومريحة.. بوركت يا محمد :)

هؤلاء .. أهم من كل ما ذكرت من المعالم .. هم أخوة أحبهم في الله وأسعد معهم وأرتاح لصحبتهم.. 



من الطريف أيضاً أن بيروت باتت معقلاً لعمليات التجميل الجراحية، ولا تدخل شارع أو مقهي أو محل إلا ورأيت سيدة تضع على أنفها ضمادة "بلاستر" للجراحة.. وبالطبع هذا لتغيير شكل الأنف بعد أن ملت منه قرابة الخمس وثلاثين سنة أو أربعين أو خمسين أو حتى ستين :)

التعايش.. رغم كل شيء .. رغم الحرب الأهلية والخلافات .. ستبقى لبنان مثالاً للتعايش ..18 طائفة يعيشون سوياً .. 13 محسوبون على المسيحيين 5 على المسلمين، والملفت هناك هو التبجيل الواضح لرجال الدين هناك بكل الطوائف .. شيء لا نراه كثيراً في بلادنا..

مسجد محمد الأمين .. لن أستطيع ألا أذكره.. فهو تحفة معمارية بكل المقايس في وسط بيروت.. قلب العاصمة .. بناه الرئيس الراحل رفيق الحريري.. حيث دفن رحمه الله في ساحة كبيرة بجانب المسجد.. 





تحياتي لك يا بيروت وبأهلك ومن فيك..