السبت، 27 مارس 2010

هل تستطيع أن تضع نفسك في حذاء الآخرين؟؟

عنوان الخاطرة لن يفهمه إلا من استمع لهذه التعبير بالإنجليزية –
The ability to put oneself into the mental shoes of another person to understand his/her emotions and feelings
والتعريف السابق هو ما قاله Alvin Goldman العالم الأمريكي تعريفاً لكلمة "empathy" ..


هي نعمة كبيرة مما لا شك فيه .. أن تستطيع أن تشعر بما يشعره الآخرون، والأمر يتعدى مجرد التعاطف مع الآخرين بمعنى أن تصل لمستوى تستطيع فيه أن تضع نفسك مكان الشخص الآخر وتشعر بما يشعر به وعليه تبدأ بتصور كيف سيتصرف أو يتحرك..


ولكن ماذا دعاني لأن أتكلم في هذا الموضوع .. ليس الشق العاطفي أو الرومانسي من الأمر فهذا أمر آخر وحديث يطول مع المحبين والعشاق :)
ولكن السبب هو: إن استطعت أن تضع نفسك في حذاء الآخرين فستلتمس لهم العذر .. عندما ترى أحداً يذنب ذنباً فستشعر بالشفقة والرحمة تجاهه، وتدعوا له بالغفران..ولن تقول:
يستاهل..
إللي يشيل قربة مخرومة تخر عليه..
هو إللي جابه لنفسه..
أنا لا يمكن أعمل كده وأحط نفسي في الموقف دا..
أصله جاهل..
أصله مبيعرفش ربنا..
أصله لو كان عمل وعمل لم يكن ليذنب..
أصل شكله كده عامل عمله..
أصلي صراحة حاسس إن كده مش كويس من جوه.. جوايا حاجة كده منه..
كن رحيماً مشفقاً على الناس.. وعلى المذنبين.. لا تنصب نفسك جلاداً .. فربما تكون جلاداً اليوم وغداً تصبح أنت المبتلى وتكون حديث الناس !!


كن كما كان صلوات الله وسلامه عليه رحيماً عندما شاهد جنازة اليهودي.. فبكى وقال: "نفس تفلتت مني إلى النار" لم يقل "جهنم وبئس المصير" !! صدق من سماه "بالمؤمنين رؤوف رحيم" ... "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" ..


هل تستطيع أن تضع نفسك في حذاء الآخرين؟


فرق ما بين المجاهر بالمعصية وبين الضعيف أمام شهواته.. وحتى المجاهر.. ادع له بالتوبة.. فلن يفيدك دخوله النار ولن يرفع قدرك أنه مات على ضلال..
سأسرد عليكم الآن بعض الحالات والرد المباشر المتجرد من الشعور بالآخرين.. ثم تساؤل تسأله لنفسك ..
لماذا شرب أحدهم الخمر في السر.. "هذا الفاسق شارب الخمر.." هل تعلم كيف تربى وكيف ابتلي وكيف كانت حياته..
لماذا شرب المخدرات وسرق المال من والده.. "هذا السارق المارق.. اقطعوا يده" .. هل تعرف كيف كانت حياته ..
لماذا خاصم الرجل ابنته.. "ذلك الرجل القاسي".. هل تعرف كيف كانت تعامله..
لماذا البنت غاضبة من أبيها .. "يالا تلك الفتاة العاقة"... هل تعرف كيف كان يعاملها وهل استحق أن يكون أباً..
لماذا تكره الفتاة كل الرجال.. تلك الفتاة التي تمثل وتتصنع حتى يلتف لها الرجال.. هل تعرف ماذا رأيت أو عايشت تلك الفتاة في حياتها..
لماذا طلق الرجل الفتاة بعد شهرين من الزواج... "لابد أنه اكتشف شيئا.." هل دخلت معهم غرفة النوم ورأيت بنفسها لتنطق بلا يجب..
لماذا بكت الزوجة وطلبت الطلاق عندما فكر زوجها في الزواج عليها.. "بالطبع هي قليلة الإيمان" .. هل تعرف كم تحبه وكيف أن الأمر صعب حتى وإن كان مباحاً.. لقد شعرت أم المؤمنين عاشئة بالغيرة من السيدة خديجة من فرط محبتها للرسول..
لماذا فكر الزوج في الزواج مرة أخرى من فتاة تصغره.. رغم أن زوجته يحسدها عليه الكثير.. "هذا الطماع الشهواني" .. هل تعرف ماذا يخفي وكيف يحتاج رغم كونه متزوجاً.. وكيف يشعر..
لماذا انتحر الرجل .. "هذا الكافر الذي اختار الكفر" ... بالله عليك هل تدري إن كان من إنتحر مريضاً أم صحيحاً ..


هل تستطيع أن تضع نفسك في حذاء الآخرين؟


الشيء المضحك أن معظم الناس ينتقدون ويتكلمون في أشياء لا تخصهم.. أعني أنهم ليسوا أطرافاً في الحدث.. ولم يقع عليهم أي ضرر.. لكن شهوة الكلام والحكم على الناس ووظيفة المفتي والقاضي والجلاد تستهوي الكثير.. وكأن الناس قد خلوا من العيوب والذنوب..

وعينــك إن أبـدت إليــك معـايبــا فصنها وقل ياعين للناس أعين..

لا تعتبروا كلامي هذا أبداً أعذاراً لحرام يرتكب أو حجة لخطيئة تعمل.. الحلال بين والحرام بين.. ولا أحل حراماً ولا أحرم حلالاً أبداً.. وليطبق الحد وما أنزله الله على كل من أخطأ أو قصر في حق المولى..
لكن كيف تنظر إليه.. نحن البشر .. كيف نتعامل مع ذلك المقصر.. ديننا دين يحتوي الكل.. العاصي والمذنب والغافل والضعيف.. وربنا غفار.. شرع الحدود ليأتيه الناس يوم القيامة وليس عليهم شيء.. وليعتبر الناس من ذلك الأمر ويتجنبوا الوقوع فيه..


سيدنا عمر بن الخطاب عطل حد السرقة في عام المجاعة.. لقد وضع نفسه في حذاء الآخرين رضي الله عنه..


قد يتفق مع البعض ويختلف البعض الآخر.. لكن منهج الرسول في دعوته كان اللين في أغلب المواقف .. إلا ما استلزم القوة والحزم.. واجه الرسول الكل بالحب.. في بيته وبين أصحابه وأعدائه والدنيا كلها.. "ما كان اللين في شيء إلا زانه وما نزع اللين من شيء إلا شانه".. صدقت يا خير الأنام ..
تعالوا نشاهد سوياً المشهد التالي لتعرفوا معي كيف كان الرسول يشعر بما يشعر به الآخرون ودون التفريط في حق الله ..


يتبع ...