الثلاثاء، 8 ديسمبر 2009

وفاز الإعلام في معركة جديدة !!




لست بصدد أن أتكلم عما حدث بين دولتين .. مسلمتين .. عربيتين .. بينهما تاريخ يكتب في صفحات لا تعد .. لن أتكلم عن الدم والأخوة والمصاهرة والمحبة.. فلن تكفي كلماتي .. ولست أملك ما يملكه المؤرخون بهذا الصدد.. لكني سأكتب عن معركة جديدة كسبها الإعلام .. نعم بكل أسف.. لقد فاز الإعلام مرة أخرى بعد سلسلة من المعارك كان الغلبة فيها من نصيبه ..


مساكين تلك الشعوب البسطاء والعامة الذين يقرأون الجرائد أويشاهدون التلفاز أويتصفحون الإنترنت ويستمعون للراديو.. ثم فجأة.. يهبون شاهرين ألسنتهم -وأشياء أخرى أحياناً- ويتفاعلون ويكسرون ويسبون ويجرحون ويخسرون.. كل هذا لأنهم سمعوا و قرأوا...لكنهم لم يتيقنوا.. ما حدث في الفترة الماضية أقر شيئين بوضوح .. 1- نسبة العلقاء في الدنيا لا تتعدى الواحد في المائة على أقصى تقدير!
2- الإعلام يفوز مرة تلو المرة والضاحيا هم.. نحن الشعوب ..


ولكن وهل فاز الإعلام من قبل؟؟


نعم فاز في معارك كثيرة، منها على سبيل المثال وليس الحصر.. "حب البنوك" .. لقد أصبح العامة منذ زمن يحبون البنوك ويطمئنون لها وكأنها والعياذ بالله من يرزق ! ..
حادثني صديق لي منذ فترة، وهو مهندس يتاجر في مكيفات الهواء ولديه مستثمرون يتاجرون بأموالهم معه منذ سنين والحمدلله، التجارة فيها بركة، فهو ممن يتقون الله ويعلم كيف يتاجر ويكسب قلوب الناس.. ولقد اعتداد أن يعطيهم في كل عام أرباحاً تتراواح ما بين 17 إلى 18 % وهذا هو حال السوق في هذه التجارة في العموم ولأن هذه السنة سنة فيها كساد وقد أصابت الأزمة المالية العالمية كل البلاد وخيمت بظلالها أخيراً على مصر المحروسة .. فقد جاءت الأرباح هذا العام ربما 13% أو يزيد، وهنا هب المستثمرون وطالبوا بسحب أموالهم.. !!! دون مبرر .. يا عالم الرجل يتاجر وهذا حال السوق والعالم بأسره.. لكن لأن الناس تربوا على ثقافة البنوك وحبها الذي يعطي نسبة ثابته لا تتغير..نسي أولائك قانون التجارة.. وهو المكسب والخسارة والربح المتغير والمخاطرة.. تعجبت من فعلة المستثمرين وسألني صديقي حائراً لقد ربحنا هذا العام وإن كان الربح أقل فماذا لو كان الأمر أننا قد خسرنا؟؟ قلت له ببساطة.. كانوا سيتهمونك بالتبديد ويتشاجرون وربما يقاضونك !!
وهذه معركة فاز فيها الإعلام بأن باع للناس حب البنوك والناس من طمعهم وقلة توكلهم اشتروا هذا الحب وهم مغمضو العين والآن بعد الآزمة العالمية التي تسببت فيها البنوك أرى البنك وقد وقف ساخراً يقول "فلا تلوموني ولوموا أنفسكم" ..


رجوعاً لما حدث بين مصر "أم الدينا" والجزائر "بلد المليون ونصف شهيد" -تصحيحاً للمعلومة عدد الشهداء أكثر من 6 ملايين في 132 سنة من مقاومة الاحتلال- .. حقيقة حاولت الابتعاد عن الفتنة قدر المستطاع.. فلقد أصبت بالغثيان مع أول خبر قرأته، ولقد يسر الله لي أن أكون في بريطاينا طوال الفتنة فلم أتأذى كثيراً..وقفت من بعيد أراقب ماذا يحدث ووجدت أن البطل الحقيقي والفائز والمترشح الأحق لكأس العالم هو الإعلام ..حيث أنه أيضا يلعب الكرة ومحترف لكنه يلعبها بعقول الناس وقلبوهم  ومشاعرهم... أرفع القبعة وأحييك يا إعلام.. لقد نافست بلييه وماردونا ورونالدنهو وأبو تريكه .. سأمنحك الكأس.. لكن اسمح لي أن أملء الكأس بالقاذورات والعفن قبل أن تحصل عليه..!


مهما كان الأمر وماهو السبب وراء هذه الحملة ..سواء كان سياسي .. اقتصادي .. هوائي .. غازي.. موبايلي.. استثماري.. ليس هناك فارق... لكن الإعلام نجح أن ينفث سمه بل وأن يحث الشباب أن يقوم بحملة توعية ضد "همجية الجزائر" و"السخرية من مصر" !! .. طاقات لا حصر لها على الإنترنت في المنتديات واليوتيوب والفيس بوك وغيره.. تصميمات.. فيديو كليب.. أغاني.. أشعار .. كاريكاتوات .. نداوات .. ياااااااااااااه .. اللهم لا حسد ... كل هذا!!
بالله عليكم لم أر هذا التفاعل مع غزة ولا العراق ولا فلسطين ولا حتى رغيف العيش ولا حتى في نخوة الرجل مع امرأته !..كل ما ذكرت الآن إنما هي معارك فاز فيها الإعلام أيضا قبل وقت ليس بالبعيد .. فجعل من هؤلاء الشباب عجائز.. مرضى.. تجاه القضايا الحقيقة .. لكنه عندما يريد .. فهو يشحن ويعبء ويساند قضايا سخيفة.. تخدم ببساطة القائمين عليه داهسا بأقدامه الغالي والرخيص.. فالمبدأ هنا هو ميكافيللي بحت "الغاية تبرر الوسيلة"...
هل تحبون أن أسرد لكم بعض الترهات التي صاحبت هذه الفتنة الإعلامية:



الممثلون المصريون كل منهم نصب نفسه زعيماً مدافعاً عن الشعب المصري وكرامته.. وبيان هنا وشجب هناك.. فلان أعاد الجائزة التي فاز بها في وهران - وهي المدينة الثانية في الجزائر- وأخرى صاحبة شركة توزيع كبرى تقاطع المهرجان وتوقف تسويق أفلامها في الجزائر..!


مغني يظهر على التليفزيون يقول أنه يصارع الموت.. وقد ظهر دون أي خدش !.. أكاذيب في جريدة جزائرية يومياً.. ومن يفقه ويلقي بنظره يجد بجانب الأخبار الكاذبة خبراً كبيراً كيف أن الجريدة باعت 2 مليون نسخة .. - هذا هو بيت القصيد- باعت بكم حتى وإن كان الضحايا أبرياء وبيوت من الشعبين..


وأسمع هنا مصرين يضربون شاباً عندما عرفوا أنه جزائري .. وشاب جزائري بعث لي يسبني بعد أن قرأ أكذوبة أن شباباً من بلده ماتوا شهداء في معركة استاد القاهرة وأرسل لي قائلا يهزأ: وتقولون"ادخلوا مصر إن شاء الله آمنيين" ! 
شباب من الجزائر يحرقون ويكسرون مقار أعمال لمصرين في العاصمة الجزائر.. مهزلة..
والحكومتين صامتتين، واستدعاء كل يومين للسفير الجزائري بالقاهرة، وأخيراً علمت أن السلطات في مطار القاهرة تضايق كل جزائري يصل لمصر، ومنذ أيام وصلني خبر تجميد العلاقات مع مصر من قبل الجزائر ! وحسرتاه..
مئات القصص والحكايات..


الاعلام المصري كان له النصيب الأكبر.. فنحن كمصريين بلا جدال أستاذة الإعلام.. كان يمكن أن نضع القضية في حجمها لكن يبدو أن الحاجة إلى الإعلانات على البرامج كانت أولى خصوصاً وأن الحالة الاقتصادية متدهورة !! .. الأمر كله مصالح .. وقد نجح الإعلام أن يجعل الناس ينسون لمدة شهر كامل أو يزيد كل شيء.. حتى فقرهم ورغيف عيشهم .. وصارت الشعارات.. الكرامة.. العزة.. وهل العزة والكرامة كلام أم أفعال يا سادة؟؟ أي كرامة تتحدث عنها وبعض منك مغتصب.. أي عزة تريدها ورؤسنا في التراب..



فلتبق يا أقصى في أيد الصهاينة.. ولتبق يا فلسطين في أيدي إسرائيل.. فهم أولى بك وسيحافظون عليك ... فأولادك لن يحافظوا عليك.. لقد خاضوا معركة بسيطة مع الاعلام منذ أيام .. وفاز فيها الاعلام وفرق وباعد بين الخوة والأشقاء.. بالله عليكم كيف تقوم لنا قائمة..


رغم حالة الغضب التي تغمرني .. فأنا على ثقة بأن الأمر سيتغير يوماً .. ربنا يراه أحفادي أو أولادهم .. لكن العزة والكرامة الحقيقة ستأتي يوماً مهما طال الوقت.. وسأعمل جاهداً أن أحاول حتى نلقى الله قائلين "معذرة إلي ربنا" ..










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق